ثمة إجماع على أن الموظف هو العامل الأهم في نجاح أي جهة عمل، لذا فإن كثيرًا من الشركات تخصص 
أقسامًا كاملة بميزانيات عالية لاستقطاب الكفاءات الأمثل التي بإمكانها أن تساهم في تطوير ورفع مستوى أداء الشركة. ولكن هذه العملية ليست بالأمر السهل، وهذا ما سيخبرك إياه مختصو الموارد البشرية حول العالم. والسؤال المهم في هذه العملية هو كيف أقوم بجذب المرشحين المناسبين؟ وما هي العوامل التي تزيد احتمالية اكتمال عملية التوظيف واتخاذ القرار المناسب لكلا الطرفين -المرشح وصاحب العمل؟ للإجابة عن هذا السؤال، يجب علينا أولًا أن نتطرق لما نعرفه عن محفزات العقل البشري التي تعد المؤثر الأول على سلوكيات وقرارات هؤلاء الأفراد.

عالميًا، كثير من الشركات تواجه صعوبة بالغة في إيجاد واستقطاب الكفاءات التي تحتاجها حتى تتطور وتنافس. وبغض النظر عن قطاع الشركة أو مستوى المنصب المنشود، تظل عملية البحث واختيار وظيفة معينة عبارة عن سلسلة من عمليات اتخاذ القرار -لكلا الطرفين. 

وتقوم نظريات علم السلوك والاقتصاد السلوكي بتفسير عملية اتخاذ القرار لدى الأفراد آخذة بعين الاعتبار القصور الذهني الذي ينتج عن تأثرهم بعدد من التحيزات الذهنية المختلفة التي تقود قراراتهم، وعند قراءتك للقواعد الأربعة التالية ستتعرف على كيف يمكن لتطبيقات الاقتصاد السلوكي التأثير على جودة عملية استقطاب المرشحين وموضوعية التقييم بالإضافة الى استمرار عملية التطوير.

القاعدة الأولى: سهّل الوصول إليك
الخطوة الأولى للتأثير على السلوك هي أن تجعل الوصول إليك سهلًا، بعدم وضع قوائم متطلبات الترشيح الطائلة التي تصد كثيرًا من المرشحين المميزين وتردهم عن التقديم لديك. وهذا لا يعني أبدًا تقليل معايير الجودة بل يتطلب دراسة أدق للمؤهلات المطلوبة والمؤهلات المستحب وجودها، فمثلًا، بإمكانك كتابة المؤهلات والمتطلبات في مجموعتين، تلك التي "يجب توفرها" في كل مرشح، وأخرى "يفضل توفرها" لكنها ليست سببًا لاستبعاد المرشحين.

القاعدة الثانية: حدد طريقة عرضك للمعلومة
"التأطير" هو أحد التحيزات الذهنية التي بإمكانها التأثير على عملية اتخاذ قرارات الأفراد. أي إن طريقة صياغة المعلومة، أو إعلان الوظيفة، تؤثر على المعنى المفهوم وبالتالي تؤثر على الرغبة في اتخاذ قرار معين من عدمها. لذا، فإن اختيار كلمات إعلان الوظيفة، بل وحتى صياغة وصف مهام العمل، هي من العوامل الأساسية المؤثرة في نتائج التوظيف. فمثلًا، استخدام عبارة "تأسيس فريق عمل" قد لا تجذب المرشحين للتقديم على الوظيفة مقارنة بعبارة أخرى مثل "بناء فريق عمل".

القاعدة الثالثة: المقابلات ليست مكانًا مناسبًا للإبداع
كثير من الشركات تسعى وراء الإبداع، حتى في مقابلات التوظيف، يؤسفنا القول إن هذا لن يساعد في تحسين جودة عملية التوظيف لديك بل على العكس، لأن الاعتماد على الأسئلة الإبداعية في المراحل الأولية يقلل من موضوعية التقييم ويزيد من احتمالية تأثر المُقيّم بتحيزات ذهنية مختلفة مثل تحيز الألفة أو (Affinity bias)، وهو ميل الفرد إلى تفضيل الأشخاص الذين يشبهونه في السمات أو الآراء. لذا، يجب أن تكون أسئلة المقابلة الوظيفية مصممة بعناية وموضوعية لغرض تقييم المهارات التي يتطلبها المنصب الشاغر تحديدًا، فمثلًا، سيكون الهدف قياس المهارات الإدارية والقيادية إذا كان المنصب إداريًّا، أو قياس المهارات التقنية أو الفنية إذا كان المنصب فنيّا. 

القاعدة الرابعة: اختبر، تعلم، وطوّر. أي القواعد السابقة تظن أنها هي الأنسب لاحتياجات أو صعوبات التوظيف لدى شركتك؟ في الحقيقة، لن تعرف الإجابة عن هذا السؤال حتى تجرب وتختبر! الاختبار هو أساس علم الاقتصاد السلوكي، خصوصًا الاختبار من خلال استخدام التجارب العشوائية المحكمة.