في عام 1747 م قام الدكتور James Lind باستخدام الدراسات التجريبية Randomized Controlled Trials لأول مره في علاج ما يسمى بمرض بارلو او نقص فيتامين سي في الجسم، توالى استخدام هذه المنهجية في المجال الصحي على نطاق واسع وذلك لتحديد العلاجات الفعالة وذلك عن طريق تقسيم الفئة المستهدفة الى مجموعات عدة او مجموعتين عشوائية احدها ما يسمى المجموعة الضابطة Control Group ولا يتم اخضاعها لأي تدخل او تأثير بينما تخضع المجموعة الأخرى وتسمى بـ(المجموعة المعالجة) Intervention Group الى عدة تدخلات معينة لقياس التأثيرأت التي تطرأ عليها ومقارنة النتائج بالمجموعة الضابطة (كما في الشكل 1).
استخدمت ذات المنهجية في العلوم السلوكيه لقياس تدخلات وتأثيرات معينة على سلوك الأفراد حيث تعتبر التجارب العشوائية او التجريبية بديلاً أكثر رصانة يمكن استخدامه لتقييم واختبار الكثير من السياسات المدنية قبل تعميمها ، ففي المملكة المتحدة قررت إدارة خدمات المحاكم بالتعاون مع فريق الخبراء السلوكيين Behavioral Insight Team الذي قامت الحكومة البريطانية بتشكيلة لتحسين فاعلية البرامج الحكومية بإجراء تجربة لاختبار ما إذا كان ارسال رسالة قصيرة الى الافراد الذين تأخروا في دفع الغرامات والعقوبات المالية قبل ارسال مندوب المحاكم لتحصيلها ناجحاً ام لا، في البداية تم تقسيم الافراد الى خمسة مجموعات:
المجموعة الأولى: وهي المجموعة الضابطة – Control group
والمجموعات الأخرى التي سيتم تجربة التدخلات والتأثيرات عليها intervention groups الى اربع مجموعات:
1) مجموعة يتم فيها ارسال رسالة تذكيرية عادية
2)مجموعة ثانية يتم رسالة تذكيرية عادية + المبلغ المطلوب
3) مجموعة ثالثة يتم ارسال رسالة تذكيرية + اسم الشخص
4) مجموعة اخيرة يتم رسالة تذكيرية +اسم الشخص + المبلغ المطلوب
أظهرات نتائج التجربة تأثيرا كبيرا في ارسال الرسائل على استجابة الافراد و اقبالهم على دفع المبالغ و الغرامات المالية المتأخرة خصوصا عندما تكون الرسالة ذات طابع يظهر الاهتمام بالشخص من خلال ذكر اسمه في الرسالة ، ساهم ارسال الرسائل ذات الطابع الشخصي عن الرسالة العادية في جمع 3 مليون جنيه إسترليني سنوياً، وبلاشك هو أفضل من عدم ارسال أي رسالة، بالإضافة الى الوفر المالي المتحقق من ارسال هذه الرسالة أكدت إدارة خدمات المحاكم أن ارسال الرسائل خفض من حاجتها لارسال عامليها بــ 150000 مرة سنوياً لجمع المبالغ المطلوبة (تم اعادة التجربة مرتين للتأكد من النتائج).
استخدمت المنهجية أيضا في قطاع الاعمال من قبل العديد من الشركات لاختبار إمكانية نجاح المنتجات الجديدة، فعلى سبيل المثال تظهر تجربة أجريت على عملاء شركات التأمين أن كتابة الأسم وتوقيع الاتفاقية أعلى النموذج يحسن من مصداقية العملاء عند اعطائهم معلومات عن استخدامهم لخدمات التأمين عوضاً عن التوقيع أسفل النموذج !
كما يمكن استخدام المنهجية لتكون أداة فعاله في التعرف على التوجه الأمثل لاستخدام الموارد ،ففي احدى الدراسات التي اجريت للتعرف على التدريب المناسب لزيادة انتاجية المنشآت الصغيرة ، قام الباحثين بتقسيم أصحاب الشركات الصغيرة الى ثلاث مجموعات، الأولى لن تحصل على أي تدريب و هي المجموعة الضابطة أو المتحكم بها Controlled و المجموعتان الاخريتان سيتم تجربة احد التأثيرات عليها من خلال اجراء تدريب على مهارات التسويق و البيع على احداها و تدريب الأخرى على المهارات المالية و المحاسبية، وجد الباحث أن هناك تأثير إيجابي على المجموعات المدربة، حيث اتضح ان الربحية تتأثر بنسب متقاربة لكن التدريب المكثف على مهارات التسويق و البيع يضاعف الربحية من خلال زيادة المبيعات و التوظيف و هو ما يعني التركيز على النمو، في حين وجد ان التركيز على التدريب المالي و المحاسبي يزيد الربحية من خلال التركيز على خفض التكلفة مما يعني رفع الكفاءة.
آلية تنفيذ الدراسات التجريبية
تعتبر المنهجية من أفضل المنهجيات المستخدمة من ناحية التكلفه على المدى الطويل خصوصا في الاوقات التي تضطر فيها الحكومات الى خفض الموازنة الماليه عند العمل بسياسات التقشف المالي ولضمان التأثير الفعال للسياسات المتخذة بناء على الادلة والبراهين.
يمكن تلخيص المنهجية في ثلاث خطوات 1) الاختبار، 2) التعلم 3) المراجعة والاستفادة من النتائج. وتقع في تسعة خطوات فرعية يمكن اتباعها للوصول الى الهدف: